الصفحة الرئيسية  رياضة

رياضة كذب السياسيون ولو صدقوا ...

نشر في  10 ديسمبر 2014  (13:49)

حضرت في نهاية الأسبوع الماضي حفل زواج الوجه السياسي والرياضي المهدي بن غربية رئيس النادي البنزرتي، وقد كانت الفرصة مواتية لاكتشاف حقيقة العلاقة بين الخصوم السياسيين بعيدا عن المنابر التلفزية والاذاعية، وبعيدا بالخصوص عن عدسات المصوّرين فاكتشفت -مثلما هو الحال للعديد من الحاضرين- أن العلاقات بين هؤلاء غير تلك التي يظهرونها في القنوات التلفزية أو في الجلسات البرلمانية والتصرّفات ليست هي نفسها، بل لم نلحظ سوى الود والحميمية والابتسامات بين الفرقاء السياسيين، مما يوحي بأن العلاقات طيبة إجمالا بين العديد من الفاعلين في الشأن السياسي رغم الاختلافات في الرُؤى والأفكار والبرامج والقناعات وحتّى التيارات، وهو ما يجعلنا نتساءل عن أسباب التشنج المبالغ فيه والعداوات التي يُظهرونها ويكنّها البعض للبعض الآخر على شاشات التلفزة وفي مختلف المواقع والمنابر التي تحوّلت إلى فضاء لأمثال هؤلاء لاستعراض «عضلاتهم» وسخطهم على الآخر والحال أن هذا الآخر صديق حميم خارج الإطار المذكور!!
نحن وبقدر ما نسعد بمثل هكذا علاقات وصداقات بين السياسيين حتّى وإن اختلفت آراءهم وانتماءاتهم فإننا نتساءل في المقابل..
لماذا لا يكونون على تلك الصورة التي رأيناها فيهم يوم السبت الماضي عند ظهورهم أمام الرأي العام في البرامج التلفزية؟
مالذي يمنعهم من التعامل الحضاري فيما بينهم ويترفّعون على كل ما من شأنه أن يوتّر الآجواء ويشعل النيران؟
لماذا ينزلون أحيانا إلى مستوى من الابتذال ويتخاصمون ويتبادلون شتّى الاتهامات ثمّ يغادرون الأستوديوهات متحابّين متوادّين؟
نطرح هذه التساؤلات ونحن على يقين من أن «اللُعبة» اكبر من أن نفك شفرتها بسهولة، ذلك أن تضارب المصالح وحب البروز ولفت الأنظار تدفع بعدد لا يستهان به من السياسيين إلى التهجّم على بعضهم والقَدْح في بعضهم الآخر طمعا في كسب ودّ الأنصار وصنع شعبية طالما لهثوا وراءها..
إن مثل هذه السياسات والسلوكيات أفقدت ثقة الناس في الطبقة السياسية ووصلت معدلات الثقة في رجال السياسة إلى مستويات كارثية حسب بعض استطلاعات الرأي وخاصة لدى فئة الشباب التي هجرت صناديق الإقتراع لأنها ترى أن رجال السياسة فقدوا الصلة مع المواطنين وأنهم لايهتمون سوى بمصلحتهم الخاصة. وأنهم يعدون كثيرًا ويوفون بالقليل..وقد كان المواطن بشكل عام والشباب بشكل خاص هدفاً لشعارات ووعود كاذبة تدغدغ طموحاته وتواسي آلامه وهو الذي يدرك من خلال التجربة أن مثل هذه الوعود بل أكثرها لا تتحقق, ولعل الأغرب من ذلك أن رجل السياسة لا يجد مانعا في مواصلة إطلاق الوعود رغم علمه المسبق بعجزه عن تحقيقها, ووصل الأمر في عالمنا العربي إلى الشعوب نفسها التي أصبحت هي الأخرى تكذب على قياداتها ورؤسائها بشعارات»بالروح بالدم نفديك يا فلان»، وعندما يقع فلان هذا في مشكلة لايجد من يساعده في الخروج منها. وبالتالي أصبح الكذب ثقافة سائدة ساهم في ترسيخها «بامتياز» مجموعة من السياسيين الانتهازيين وتقبّلتها شريحة كبيرة من المجتمع أصبحت على ما يبدو تغفر للكاذب كذبته ولا ترحمه عندما يقول الحقيقة..
لقد أكد الواقع اليوم أن السياسيين والشعوب يكذبون على بعضهم البعض في الأمم الديمقراطية وحتّى غير الديمقراطية على حد سواء. ولكن ما نطلبه ونرجوه ونتمناه هو أن يكذب السياسيون عندنا بشكل أقل وأن يتحسّن الخطاب السياسي ويرتقي إلى المستوى الذي يجعلنا نتجاوز هذه المرحلة بأخف الأضرار خصوصا وأن البلاد لم تعد تحتمل المزيد من الصراعات والتشنجات والخلافات والتصدعات، فتونس هذا البلد الصغير قادرة على احتضان الجميع مهما اختلفنا واختلفت رُؤانا وانتماءاتنا السياسية والأيديولوجية.

بقلم: عادل بوهلال